#الوفاء #لغة #لا #يفهمها #إلا #كبار #القلوب
بقلم : د.محمد بن مرضي
الوفاء ليس كلمة تُقال، ولا وعدًا يُكتب ثم يُنسى .. بل هو طبعٌ نادر، وعاطفة صامتة، لا تحتاج إلى ضجيج لتُثبت وجودها.
هو أن تظلّ مخلصًا، حتى بعد الغياب، وبعد التغيير، وبعد أن يتقادم كل شيء إلا قلبك.
المواقف وثقة الرجال أغلال في أعناق الرجال، والوفاء هو أن تذكر من وثق بك بخير، وأن تحفظ الودّ لمن كان يومًا سندًا، وأن تبقى العلاقة نقية، حتى لو أخذتنا الحياة في طرق متفرقة.
هو أن تبقى مواقف الناس معك حاضرة في ذاكرتك، فلا تنكر جميلًا، ولا تتجاهل من وقف إلى جانبك ثقةً وتقديراً أو في لحظة ضعف أو حزن.
ففي عالمٍ يتغير بسرعة، ويُعيد ترتيب العلاقات كأنها أوراق شتاء، يبقى الوفيّ هو ذلك الإنسان الثابت، الصادق، الذي لا يبدّل وجهه ولا ينسى أصله، ولا يسمح للمصالح أن تُغيّر قلبه.
الوفاء لا يعني فقط البقاء، بل أن تبقى كما أنت : نقيًا، صادقًا، لا تبيع الذكريات، ولا تستبدل الوجوه عند أول فرصة.
وقد يكون الوفاء صامتًا .. كأن تدعو لمن تحب دون أن يعلم، وأن تسأل عنهم دون أن تُشعرهم، وأن تُحبّهم من بعيد لأنهم يستحقون الحب.
الوفاء هو مرآة الأخلاق، ومعدن النفس النبيلة ، فلا شيء يُضاهي إنسانًا يفي بوعده، ويحفظ غيبتك، ويذكرك بخير، ويظل كما عهدته، حتى وإن فرّقت بينكما المسافات أو الأماكن.
وفي زمن السرعة والتقلب، كن وفيًا .. فالعلاقات لا تُبنى فقط على الحضور، بل تتجلى في الغياب ، والعلاقات ليست دروسًا جاهزة ، بل تأملات ندرك فيها هشاشة الإنسان ، وعظمة مشاعره وحدودها.
يقول محمود درويش : الذكريات هي أن تعيش نفس الأحداث والتفاصيل مرة أخرى ولكن .. بمفردك.