#وعي #المواطن #هو #الاستثمار #الحقيقي
بقلم: فاطمه البشري
يشهد السوق العقاري السعودي تحولًا نوعيًا في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح التمويل العقاري أحد أهم ركائز تملّك السكن، ورافدًا أساسيًا في تحقيق مستهدفات رؤية 2030. ومع هذا التحول الكبير، بات المواطن أمام خيارات متعددة، تتراوح بين التمويل المدعوم من الدولة والتمويل التجاري، وبين مشاريع المطورين الخاصة والوحدات تحت الإنشاء. وفي وسط هذا التنوع، تظهر الحاجة الملحّة إلى الوعي المالي والسكني الذي يوجّه القرار نحو الاختيار الأنسب والأكثر استدامة.
العقار لم يعد مجرد “منزل” يسكنه الفرد، بل قرار مالي استراتيجي يؤثر على استقراره لسنوات طويلة. لذلك، فإن العلاقة بين التمويل العقاري والسوق العقاري أصبحت علاقة تكامل لا تناقض؛ فكلما ازداد فهم المواطن لآليات التمويل، زادت قدرته على اختيار العقار المناسب له دون أن يرهق نفسه بالتزامات تفوق قدرته.
التمويل المدعوم الذي تقدمه الدولة عبر برامج الإسكان يمنح المواطن ميزة تحمّل الأرباح بالكامل من قبل الجهات الحكومية، مما يخفف العبء المالي ويتيح له التملّك بأقساط ميسّرة. في المقابل، التمويل غير المدعوم يعتمد كليًا على دخل العميل وقدرته الائتمانية، وغالبًا ما يناسب الفئات ذات الدخل الأعلى أو من يرغبون بخيارات أوسع في العقارات الاستثمارية.
لكن المشكلة تكمن حين يختار بعض العملاء العقار قبل دراسة التمويل، أو العرض المالي قبل دراسة السوق؛ فيقعون في فجوة بين الرغبة والقدرة. هنا يأتي دور المستشار المالي والعقاري في توجيه المواطن نحو التوازن بين حجم القرض ونوعية العقار وموقعه ومرحلة التطوير، بما يضمن له أمان السكن وأمان المستقبل المالي معًا.
في السوق الحالي، العروض كثيرة، والمطورون يتنافسون على جذب المستفيدين، لكن الذكاء ليس في توقيع العقد بسرعة، بل في فهم التفاصيل:
هل المشروع جاهز أو تحت الإنشاء؟
ما نوع الدعم المالي الذي أستحقه؟
كم تبلغ تكلفة التمويل بعد الدعم الحكومي؟
وهل المبلغ يغطي العقار فعليًا دون التزامات جانبية؟
الأسئلة هذه أصبحت بوصلة الوعي السكني الجديد الذي يُبنى عليه مستقبل التملّك في السعودية.
وفي النهاية، يبقى القرار السكني أعمق من مجرد معاملة مالية أو عقد شراء؛ إنه اختيار للحياة واستثمار في الاستقرار والكرامة.
فكل مواطن واعٍ يخطو بثقة نحو السكن، يساهم في بناء وطن أكثر أمنًا وازدهارًا.
ومتى ما اجتمع الدعم الحكومي مع وعي المواطن وثقافة التمويل المسؤول، سنرى وطنًا يسكنه الوعي قبل أن يسكنه الناس.