#معرض #الرياض #للكتاب.. #مرآة #لثقافتنا #الحاضرة
بقلم / محمد العتيق
لا شك أن معرض الرياض الدولي للكتاب بات تظاهرة ثقافية كبرى، تتجدد كل عام، وتجمع بين دفّتيها دور نشر عالمية ومحلية، ومؤلفين من شتى التخصصات والمجالات. كتب في الأدب، والعلم، والفكر، والتاريخ، والدين، والاقتصاد، تصطف على الأرفف تنتظر من يقتنيها بعين القارئ لا بعين المتسوق.لكن ما يثير التساؤل كل عام هو هذا الزحام الهائل الذي يملأ أروقة المعرض، والكم الكبير من الكتب التي تُشترى وتُحمل في أكياس أنيقة، بينما يهمس في النفس سؤال بسيط: كم واحد من هؤلاء سيقرأ فعلاً ما اشتراه؟لو أن نصف الحاضرين فقط قرأوا نصف ما اقتنوه، لتغير حال الفكر والثقافة عندنا تغيرًا كبيرًا. لكان الحوار أعمق، والوعي أنضج، والذائقة أرقى. لكن الواقع المؤلم أن كثيرًا ممن يزورون المعرض يكتفون بالتقاط الصور، واستعراض حضورهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ثم تعود الكتب لتستقر على رفوف تكسوها طبقات الغبار، دون أن تُفتح أو تُقرأ.في الماضي، كان الناس لا يجدون ما يشغلهم سوى الصحف والكتب، فكانت القراءة جزءًا من يومهم. أما اليوم، فقد تنازعتها الشاشات والهواتف الذكية ووسائل التواصل، حتى صار القارئ الجاد نادرًا، وكأن القراءة أصبحت ترفًا لا عادة.ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على تلك القلة التي لا تزال تعرف قيمة الكتاب، وتعيش بين صفحاته كمن يجد فيها العالم الأصدق. فالثقافة لا تغيّر الإنسان فحسب، بل تهذّب روحه، وتضبط فكره، وتنعكس على كل تفاصيل حياته، في حديثه، وسلوكه، وتعامله مع الناس.إننا بحاجة إلى أن نقرأ أكثر مما نشتري، وأن نغذي عقولنا كما نغذي أجسادنا، فبالقراءة وحدها نصنع الفرق، ونبني الإنسان الذي ينهض بالوطن والفكر والمستقبل.