منوعات

عدسة الإبداع تستشرف قضايا الحياة من بعيد#عدسة #الإبداع #تستشرف #قضايا #الحياة #من #بعيد

18views
Trip.com WW

#عدسة #الإبداع #تستشرف #قضايا #الحياة #من #بعيد

على الرغم من الحديث عن تأخر علم الاجتماع والفكر والأدب في العالم العربي عن ملاحقة قضايا وهموم وشجون الواقع الاجتماعي، فإن هناك شبه اتفاق على أهمية تلك الحقول والرهان عليها في رصد وتفسير الظواهر اليومية وتقييم العادات والتقاليد وفقاً للمتغيرات، وذلك ما أشار إليها كتاب تحدثوا إلى «الخليج».القاص والكاتب إبراهيم مبارك، أكد أن حركة الواقع سريعة، ودائماً يعول على الأدب والفكر في رصد تلك التحولات التي تطرأ، خاصة ذلك الانفجار الكبير من الأحداث والوقائع والمتغيرات الذي نتج عن العولمة، غير أن الكتاب في ما يبدو لا يزالون في مرحلة تقييم وتأمل، خاصة الأدب الذي يحتاج إلى وقت من أجل أن يقدم أطروحات إبداعية تتناول المجتمع، فالكتاب بطبعهم يكتبون عما جرى أكثر مما هو يحدث في الوقت الراهن، بعكس العلوم الاجتماعية والسيكولوجية التي تعمل في ذات وقت حدوث الوقائع.وأقر مبارك بأن هذه التحولات الكبيرة التي شهدتها المنطقة العربية تحتاج إلى أكثر من حقل معرفي وإبداعي وعلمي واحد، فإلى جانب العلوم الاجتماعية والفلسفة يجب أن يغوص الأدب عميقاً في تناول الظواهر مثلما حدث في الماضي القريب عندما كان الإبداع في مقدمة تناول قضايا المجتمعات العربية أثناء وبعد حقبة الاستعمار، على نحو ما برز في أعمال نجيب محفوظ والطيب صالح وغيرهما، حيث إن رواية الكاتب دائماً ما تكون صادقة، لأنها تأتي عن معايشة والتقاط التفاصيل المختلفة والمقدرة على التحليل والتفسير.وأشار مبارك إلى صدور العديد من الروايات ذات الطابع الاجتماعي والسياسي عقب المنعطفات العربية التي حدثت بعد ظهور العولمة وثورة الاتصالات الحديثة، مثل تلك التحولات السياسية في بعض البلدان العربية، بل وعملت تلك الكتابات على تقييمها من حيث الضرر والفائدة.وقال مبارك: «إن السرد دائماً ملتصق بالمجتمع وقضاياه، فالأديب مدون وراصد لكل الأحداث، وذلك يؤكد دور الأدب ليس في رصد وتحليل الظواهر الاجتماعية فقط، بل وكذلك في عملية التغيير».مخاوفالروائي علي أبو الريش، أوضح أن العديد من الروائيين تحاشوا الخوض المباشر عبر أعمالهم الأدبية في تناول الواقع الاجتماعي ربما من مبدأ «الفن للفن»، كما أن هناك العديد من المخاوف مثل شح مساحات التعبير والحرية في العديد من الدول العربية، غير أن هناك من تناول العديد من المظاهر والظواهر خاصة التي نتجت عن هيمنة العولمة. وذكر أبو الريش أن الحياة الاجتماعية في العالم العربي تشهد بالفعل وقائع جديدة نتاج التحولات الكبيرة الصادمة التي غيرت كثيراً في العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية، والذات والآخر، بحيث باتت هناك ضرورة لترسيخ الهوية والقيم الوطنية والحفاظ على الخصوصيات الاجتماعية والثقافية، فلابد من ثوابت تحكم تلك التحولات، ولابد من رصدها وتحليلها في المقام الأول، وهنا تبرز أدوار ضرورية للأدب والفكر وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا، ولكن لابد من تجديد الأساليب والوسائل والأدوات.ولفت أبو الريش إلى أن تأثير العولمة في الحياة الاجتماعية كان كبيراً حتى في الغرب، وتم تناول ذلك من قبل العديد من الكتاب والمفكرين على نحو ما فعل زيجمونت باومان، في كتابه «الحياة السائلة»، والذي تناول فيه أثر الحداثة وتجلياتها في الواقع اليومي الفردي والجماعي، وعلى مستوى المشاعر والمعاني التي تتحول إلى مجرد سلع، وظل الواقع العربي يفتقد إلى مثل هذه الكتابات المحللة والمفسرة، سواء في الأدب أو علم الاجتماع والفلسفة، إلا من خلال منظور الغرب نفسه.وأشار أبو الريش إلى أنه على الرغم من فوائد التكنولوجيا الحديثة، فإنها لا تخلو من ظلال كارثية، حيث شكلت ظواهر اجتماعية تعزز اغتراب البشر، وذلكم ينطبق على الواقع العربي أيضاً، وزاد ذلك الأمر مع ظهور الذكاء الاصطناعي الذي سيحل محل البشر في العديد من الأعمال، وسيكون لذلك نتائج اجتماعية ونفسية وخيمة تحتاج بالفعل إلى البحث والتنقيب.وأعرب أبو الريش عن حسرته من حجم الأعمال المنشورة في العالم العربي باسم الأدب، لكونها ركيكة ولا تصلح لتناول الواقع الاجتماعي والتحولات الخطيرة التي يمر بها البشر، لذلك فإن هناك حاجة إلى الأدباء الحقيقيين وعلماء الاجتماع من أجل أن يديروا ويسيروا المشهد بصورة علمية تتأمل وتقدم الأطروحات والتحليلات والمقترحات.وشدد أبو الريش على أن قيمة الأدب لا تنحصر فقط في تناول الوقائع وعكسها وإبرازها، بل وكذلك في إعادة صياغة الواقع وصناعة صورة أخرى له، ويقول أبو الريش: «ذلك الأمر للأسف لا يوجد في أدبنا حالياً».وقفةالكاتب المسرحي والقاص صالح كرامة تحدث عن الدور المرجو لعلم الاجتماع والأدب في تناول الكثير من الوقائع الحياتية التي تغيرت تماماً في العصر الحديث في العالم العربي، حيث تكاد تنسحب الحياة الجماعية ليحل مكانها الفردية والانشغال بتحقيق الذات والمكانة والاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي والعيش في زمن افتراضي. وأكد كرامة أن تلك المتغيرات تحتاج بالفعل إلى حس أديب وعالم اجتماع لا لرصد الظاهرة الاجتماعية والنفسية فقط، بل وكذلك ما يقف وراءها، وهو دور مطلوب كذلك بشكل أكبر من علماء الاجتماع وبقية التخصصات، ذلك لأن الموجة عاتية وتحتاج إلى تضافر الجهود.وأشار كرامة إلى تلك الأدوار الكبيرة التي قام بها الأدب العربي في مختلف مجالاته من شعر ومسرح وسرد خلال مرحلة اليقظة العربية، ذلك الحراك الفكري والاجتماعي الذي نشأ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وكانت له تجلياته في الإبداع الأدبي لدى العديد من الكتاب، وهو أمر يكاد يكون مفقوداً في الوقت الراهن، لأن العديد من الأعمال الإبداعية بدأت في تحاشي التعبير عن الواقع الاجتماعي، وذلك أمر يحتاج إلى وقفة كبيرة.تطورالكاتب وعالم الاجتماع د. يوسف محمد شراب، أكد من جانبه ضرورة أن يكون علم الاجتماع حاضراً لرصد جميع المنعطفات الاجتماعية والمتغيرات العصرية في العالم العربي، فبحسب شراب فإن علم الاجتماع لم يتراجع بعكس ما يرى الكثيرون، بل ظل في تطور منذ أن وضع أسسه وأصوله العلامة ابن خلدون الذي يعد من أبرز علماء العصور الوسطى ليس بالنسبة للعرب والمسلمين وحدهم، بل وفي العالم العربي ككل، وواحداً من أهم المؤرخين العرب، حيث يعد رائداً لعلم الاجتماع الحضري والريفي، إذ وضع أسس علم العمران البشري في مقدمته، والتي تعد عملاً تأسيسياً في هذا المجال. كما اهتم بدراسة المجتمعات البدوية والحضرية، وعلاقتها بالعصبية، وتطور الدولة، وتأثير ذلك في العمران. وأوضح شراب أنه ومنذ تلك اللحظة التأسيسية ظل علم الاجتماع في تطور مستمر وأنتج الكثير من العلوم الأخرى، وظهرت من بعد ذلك تخصصات مختلفة داخل ذلك العلم، مثل علم الاجتماع التربوي والاقتصادي والديني والقانوني والطبي والسياسي، وهناك أيضاً علم اجتماع البيئة والتربية والمعنيّ بالجانب المهني، وأخيراً برز علم اجتماع الذكاء الاصطناعي، وهو فرع من العلوم الاجتماعية يهتم بدراسة تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المجتمع والتفاعلات الاجتماعية والثقافية، ويعدّ هذا المجال متعدد التخصصات، بالتالي فإن هذا العلم حقق الكثير من التقدم والعديد من الفتوحات التي تمكّنه من تحليل وتفسير ورصد الظواهر الاجتماعية في كل المنعطفات والمتغيرات، وهو يثبت كذلك فاعليته في مواجهة متغيرات العصر الراهن.وأشار شراب إلى حجم الجهود الكبيرة المبذولة من قبل جمعيات مثل روابط ونقابات السيسيولوجيين العرب ونقاباتهم المختلفة التي ظلت على الدوام تعمل على تطوير هذا العلم وإيجاد أفق له، حيث إنها أدركت أهميته ودوره في الواقع الاجتماعي العربي، وكذلك هناك نقابات ذات صلة بهذا الحقل مثل جمعيات الاختصاصيين الاجتماعيين ونقابات المهن الاجتماعية، وغير ذلك من أشكال التنظيمات المنهمكة في العمل الاجتماعي على الدوام ناهيك عن الكم الهائل والكبير في أعداد المؤلفات والمراجع والكتب، ما يشير إلى أن البذل النظري العربي في مجال علم الاجتماع لا يزال متواصلاً ولم ينقطع، كما أن هناك الكثير من العلماء الذين باتوا يحتلون مكانة كبيرة في حقل العلوم الاجتماعية على مستوى المنطقة العربية والعالم ككل.وأكد شراب أن علم الاجتماع يلعب دوراً مهماً في تشكيل الاتجاهات والتوجيه، وكذلك على مستوى الربط بين الجانب التكنولوجي والمادي، والأكاديمي والنظري والفكري، حيث تبرز أهميته في رصد العلاقات والظواهر الاجتماعية المختلفة، وهو بذلك لا غنى عنه، بل وتبرز أهميته في كل منعطف حياتي وعصري جديد.

Trip.com WW

Trip.com WW

Leave a Response