ديبلوماسية الحياد البناء تعزز من مكانة أبوظبي كوجهة موثوقة لتسوية النزاعات المعقدة#ديبلوماسية #الحياد #البناء #تعزز #من #مكانة #أبوظبي #كوجهة #موثوقة #لتسوية #النزاعات #المعقدة

#ديبلوماسية #الحياد #البناء #تعزز #من #مكانة #أبوظبي #كوجهة #موثوقة #لتسوية #النزاعات #المعقدة
تكتسب زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى موسكو، والتي بدأت أمس، أهمية بالغة في سياق العلاقات الثنائية المتنامية بين الإمارات وروسيا، وتأثيرها على المشهد الجيوسياسي العالمي.تؤكد هذه الزيارة على عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي تتجاوز الأبعاد الاقتصادية لتشمل التعاون في مجال الطاقة، والحوار السياسي، وحتى التبادلات الثقافية، في ظل سياسات أبو ظبي الخارجية القائمة على البراغماتية وتنويع الأطراف، بهدف تعزيز مصالحها الوطنية وسط تحولات النظام الدولي نحو عالم متعدد الأقطاب. وجهة محتملة للقاء بوتين-ترامبتستند العلاقات الديبلوماسية بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا إلى أسس تاريخية راسخة، إذ احتفل البلدان بالذكرى الخمسين لتأسيس هذه العلاقات، التي شهدت تطوراً نوعياً في عام 2018، عندما تم توقيع اتفاقية رفعت مستوى العلاقات إلى “شراكة استراتيجية”، في تحوّل متعمد ونوعي يعكس التزاماً طويل الأمد ورؤية مشتركة تتجاوز المصالح العابرة.وباتت الشراكة بين أبو ظبي وموسكو تتميز في السنوات الأخيرة بالشمولية التي تتجاوز أبعادها الروابط الاقتصادية التقليدية لتشمل أبعاداً سياسية وأمنية مهمة، في إطار نهج يعكس رؤية مشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.في بيئة دولية شديدة الاستقطاب، تشير المشاركة الإماراتية المستمرة رفيعة المستوى مع روسيا إلى خيار استراتيجي لإعطاء الأولوية لمصالحها الوطنية، والحفاظ على مرونة ديبلوماسية تُبرز قدرة الإمارات على الموازنة بين تحالفاتها التقليدية وعلاقاتها الناشئة، ما يعزز دورها كلاعب محوري في الاستقرار الإقليمي والدولي. وتؤكد هذه العلاقة على مرونة الديبلوماسية الإماراتية وقدرتها على التنقل في بيئة عالمية معقدة، مستفيدة من ثقلها الاقتصادي والديبلوماسي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.خلال استقباله لنظيره الإماراتي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الإمارات من الأماكن المناسبة لعقد اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو اللقاء الذي يُجرى التنسيق له في الأيام المقبلة، بحسب ما أعلنه يوري أوشاكوف، مستشار الرئيس الروسي، لوكالة “إنترفاكس” في وقت سابق.وفي مطلع الشهر الماضي، استضافت أبو ظبي لقاءً تاريخياً بين الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في إطار عملية السلام بين البلدين، حيث وصفت وزارتا خارجيتهما الحوار المباشر بأنه الصيغة الأكثر فاعلية لدفع عملية التطبيع قدماً، في المفاوضات الأكثر جدية لإنهاء الصراع الدائر منذ ما يقرب من 40 عاماً. بوتين مستقبلاً الشيخ محمد بن زايد في الكرملين. (أ ف ب) شراكة اقتصادية غير نفطية متسارعةشهدت العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وروسيا نمواً ملحوظاً، إذ ارتفعت قيمة التجارة غير النفطية بشكل ملحوظ، وتُعد دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي في روسيا، باستثمارات تجاوزت 40 مليار دولار أميركي.وأجبرت العقوبات الغربية الشركات ورؤوس الأموال الروسية المتجاوبة مع العقوبات والراغبة في الامتثال لها على البحث عن أسواق ومراكز مالية بديلة. وقد برزت الإمارات، باقتصادها المفتوح وبنيتها التحتية المالية القوية وموقفها المحايد، كوجهة طبيعية.وتعمل الإمارات بنشاط على تقليل اعتمادها على الهيدروكربونات من خلال تعزيز القطاعات غير النفطية وجذب الاستثمار الأجنبي، وقد فتحت العقوبات الغربية الأبواب لجذب الاستثمار الروسي وتوسيع التجارة غير النفطية.كذلك، تلعب الإمارات وروسيا دوراً حاسماً ضمن إطار عمل “أوبك+”، على أرضية الاهتمام المشترك بالحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية. في عالم تعتبر فيه أمن الطاقة أمراً بالغ الأهمية، فإن قدرة المنتجين الرئيسيين مثل الإمارات وروسيا على تنسيق مستويات الإنتاج من خلال “أوبك+” تمنحهما نفوذاً جيوسياسياً كبيراً، بعيداً عن الدعوات الخارجية لزيادة الإنتاج بشكل جماعي، ما يدل على درجة من الاستقلالية عن هياكل حوكمة الطاقة التقليدية التي تقودها الدول الغربية، ما يجعل “أوبك+” منتدى حاسماً لتنسيقهما الاستراتيجي. ديبلوماسية الحياد الإيجابيتُظهر دولة الإمارات قدرة فريدة على الحفاظ على علاقات قوية مع روسيا، بينما تظل حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، في سياسة خارجية مستقلة، تعطي الأولوية للمصالح الوطنية والاستقلالية الاستراتيجية، القائمة على “عدم الانحياز”، حيث تنخرط بنشاط مع قوى عالمية متعددة دون ولاء حصري، ما يزيد من مرونتها الاستراتيجية ونفوذها.وعلى عكس عدم الانحياز في عصر الحرب الباردة، فإن نهج الإمارات مبني على الحياد الإيجابي والمشاركة النشطة مع جميع الكتل الكبرى، ما يسمح لها بتنويع شراكاتها الاقتصادية والأمنية، وتقليل الاعتماد المفرط على قوة واحدة، وتعزيز نفوذها الديبلوماسي.من خلال الحفاظ على علاقات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا، تضع الإمارات نفسها كجسر حيوي وشريك موثوق به لمختلف الجهات الفاعلة.وتُظهر المناقشات حيال قضايا الأمن الإقليمي اهتماماً مشتركاً بتهدئة التوترات وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. كما أن موقفها المتوازن بشأن الصراع في أوكرانيا، والذي يركز على خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية، يضع أبو ظبي كطرف وسيط محتمل.هذا الموقف المحايد وجهودها الإنسانية في الصراع الأوكراني، إلى جانب قدرتها على التواصل مع الطرفين، يضعها كجسر ديبلوماسي، تجلّى في وساطتها الناجحة في تبادل الأسرى. في صراع دولي شديد الاستقطاب، لا تملك سوى عدد قليل من الدول الثقة والقنوات الديبلوماسية للانخراط بفعالية مع الطرفين المتحاربين وحلفائهما.وتشير الشراكة الاستراتيجية بين أبو ظبي وموسكو، إلى جانب ارتباطات مماثلة أخرى من قبل الإمارات، إلى اتجاه عالمي أوسع بعيداً عن سياسات الكتل الجامدة نحو تحالفات أكثر مرونة ومدفوعة بالمصالح.وتُجري الدولتان لقاءات حوار استراتيجي منتظمة، ما يعكس مصالحهما المشتركة في الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب. وقد شملت المناقشات قضايا أمنية إقليمية مثل سوريا، وليبيا، واليمن، والأهم الملف الفلسطيني وحرب غزة.التوافق على “نظام دولي متعدد الأقطاب” يمثل ركيزة أيديولوجية أساسية، تدل على رغبة في الابتعاد عن نظام أحادي القطب. وترى كل من الإمارات وروسيا، وإن كانتا من مواقع قوة مختلفة، الفوائد في هيكل قوة عالمي أكثر تنوعاً، سواء لناحية تحدي الهيمنة الغربية بالنسبة لموسكو، أو تعزيز الاستقلالية الاستراتيجية وتنويع التحالفات بالنسبة لأبو ظبي.إلى جانب ذلك، تتزايد الروابط الثقافية والتعليمية بين البلدين، كما يتضح من الزيادة الكبيرة في أعداد السياح الروس الذين يزورون الإمارات، ما يساهم في دعم قطاع السياحة الإماراتي. يعزز هذا الجانب من العلاقات التفاهم المتبادل ويقوي القوة الناعمة لكلا البلدين.تؤكد زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى موسكو على الأهمية الدائمة لشراكة استراتيجية قوية ومتعددة الأوجه. تستمد هذه العلاقة زخمها من المصالح الاقتصادية المشتركة، والحفاظ على استقرار سوق الطاقة، ورؤية متقاربة لنظام عالمي متعدد الأقطاب.ويمكن اعتبار الشراكة بين الإمارات وروسيا شهادة على سياسة الإمارات الخارجية البراغماتية، ما يضعها كفاعل محوري في مشهد عالمي متغير، وقادر على الموازنة بين المصالح المتنوعة لتحقيق أهدافها الوطنية. تساهم هذه الشراكة في الاستقرار الإقليمي، ولها تداعيات أوسع على النظام الدولي المتطور، ما يعزز دور الإمارات كقوة مؤثرة في تشكيل مستقبل العلاقات الدولية.