#تعزيز #المسؤولية #الاجتماعية #للشركات #لمواجهة #التطرف
بقلم: البروفيسور / تركي بن عبيد
———————————
تشكل المسؤولية الاجتماعية للشركات إطارًا استراتيجيًا يتجاوز الربحية المالية ليشمل مساهمات الشركات في التنمية المجتمعية، مثل تعزيز التعليم، الصحة، والاقتصاد المحلي. في سياق مواجهة التطرف العنيف، يُعد تعزيز CSR أداة حاسمة لبناء مجتمعات مرنة، حيث يساهم في تقليل الشروط الاجتماعية والاقتصادية التي تغذي الراديكالية. وفقًا لدراسات حديثة، يرتبط غياب الفرص الاقتصادية والتعليمية مباشرة بانتشار التطرف، مما يجعل الشركات شريكًا أساسيًا في الوقاية منه. على سبيل المثال، أظهر تقرير صندوق التمويل العالمي للمشاركة المجتمعية والمرونة (GCERF) لعام 2024 أن الاستثمار في برامج الوقاية من التطرف يصل إلى عائد استثمار يبلغ حوالي 30 دولارًا أمريكيًا لكل شخص مستفيد مباشرة، مع تأثير إيجابي على 3.8 ملايين شخص في 19 دولة.
آليات تعزيز الشركات لمكافحة التطرف:
لتحقيق تأثير فعال، يمكن تعزيز CSR من خلال استراتيجيات مدعومة علميًا تركز على الشراكات المجتمعية والاستثمار في القدرات المحلية.
أولاً، يجب صياغة برامج CSR كـ”حجة أعمال” مباشرة، حيث يهدد التطرف سلاسل التوريد والاستثمارات، مما يدفع الشركات إلى الاستثمار في الوقاية لضمان الاستمرارية التشغيلية. على سبيل المثال، في المناطق المتضررة مثل الشرق الأوسط أو أفريقيا جنوب الصحراء، يمكن للشركات في قطاع الطاقة تمويل مشاريع تعليمية تعزز التواصل بين المجتمعات والجهات الأمنية، مما يقلل من الشكوك ويبني الثقة. كمثال ناجح، أطلقت مبادرة “Invent2Prevent” (سابقاً Peer to Peer Challenging Extremism) في الولايات المتحدة حملات توعية من قبل الطلاب الجامعيين لمواجهة الخطاب المتطرف، مما ساهم في تعزيز الرسائل الإيجابية حول التنوع الثقافي والإثني ، وأدى إلى تطوير أكثر من 1000 حملة تعليمية في المدارس.
ثانياً، التركيز على النتائج الإيجابية بدلاً من الجوانب الأمنية المباشرة يجعل البرامج أكثر جاذبية. يُظهر تقرير GCERF أن الاستثمار في التنمية الاقتصادية والتعليم يقلل من مخاطر التطرف بنسبة تصل إلى 30% في المجتمعات المستهدفة، من خلال تعزيز الاندماج الاجتماعي. على سبيل المثال، في غانا، أدى منحة بقيمة 350 ألف دولار من GCERF إلى زيادة الأصول الإنتاجية لدى النساء في المجتمعات المهاجرة من 29% إلى 41%، وفرص العمل من 35% إلى 50%، وزيادة الثقة بين الشباب والمجتمعات المجاورة من 53% إلى 62%. كما يُفضل البدء محليًا ، حيث تكون الشركات الوطنية أكثر وعيًا بالمخاطر، وتقديم خبراتها التشغيلية مثل التدريب المهني أو الوصول إلى الشبكات السياسية، بدلاً من التمويل المباشر. مثال آخر هو مبادرة “Tech Against Terrorism”، التي طورتها منظمات مدعومة من القطاع الخاص بالشراكة مع الأمم المتحدة، لمكافحة التجنيد عبر الإنترنت، حيث ساهمت في إزالة آلاف المحتويات المتطرفة من المنصات الرقمية.
ثالثاً، توسيع النطاق ليشمل أشكال التطرف غير الدينية، مثل النزاعات الإثنية في جنوب شرق آسيا، يوفر “انتصارات سريعة” للشركات، حيث يعزز الاستقرار الإقليمي دون تعريض الأصول للخطر. في مالي، أدى الاستثمار في برامج إعادة الإدماج إلى زيادة الانتماء المجتمعي بنسبة 12% وزيادة مؤشر المرونة ضد التطرف بنسبة 6%. كما يُوصى بتضمين خبراء محليين في تصميم البرامج لتجنب التبعات الثقافية السلبية، مع التركيز على منصات تعزيز الصوت المجتمعي لمواجهة الدعاية المتطرفة. في كينيا، حسّن منحة بقيمة 230 ألف دولار قدرات 93% من 154 قائدًا دينيًا في قيادة مبادرات الوقاية، مع 87% منهم استخدموا المهارات لإنتاج رسائل بديلة. في النيجر، ارتفعت ثقة المجتمعات من 32% إلى 64% بعد برامج التعزيز الاقتصادي.
الاستنتاج:
بتعزيز CSR كأداة وقائية، يمكن للشركات بناء مجتمعات محصنة ضد التطرف من خلال تعزيز التماسك الاجتماعي والاقتصادي، كما أثبتت برامج GCERF التي غطت 17 دولة ساخنة وأثّرت على 3 ملايين شخص مباشرة. هذا النهج ليس مجرد واجب أخلاقي، بل استثمار استراتيجي يضمن الاستقرار طويل الأمد، مع عائد اقتصادي واضح. يتطلب النجاح تعاونًا بين الشركات، الحكومات، والمجتمع المدني، لتحويل التحديات إلى فرص لمجتمع أكثر أمانًا وازدهارًا .