منوعات

الشهرة كإدمان… والشخص المعروف كعلاج!#الشهرة #كإدمان.. #والشخص #المعروف #كعلاج

21views
Trip.com WW

#الشهرة #كإدمان.. #والشخص #المعروف #كعلاج

في كانون الأول/ ديسمبر من العام 1980، وبينما كان جون لينون، أحد أشهر أعضاء فرقة البيتلز، عائداً إلى منزله في مبنى “الداكوتا” بنيويورك برفقة زوجته يوكو أونو، أُطلِق عليه الرصاص ليسقط صامتاً، ولتسكت معه رسائل لطالما غنّت للحب والسلام. القاتل؟ مارك ديفيد تشابمان، أحد معجبيه السابقين، الذي تحوّل إعجابه إلى هوس، فحقد، ثم إلى قرار مأسوي في لحظة اختلطت فيها الرغبة بالشهرة بالعنف. بعد أكثر من أربعين عامًا، وفي جلسة استماع أمام لجنة العفو عام 2022، قال تشابمان: “كنت أعلم تماماً ما أفعله، وأعلم أنه شرّ، وأعلم أنه خطأ. لكنني أردت الشهرة بشدّة، لدرجة أنني كنت مستعداً لأُضحّي بكلّ شيء… حتى بحياة إنسان”. يوقّع جون لينون نسخة من ألبومه لمارك ديفيد تشابمان (إلى اليمين)، أمام شقّته في نيويورك، في 8 ديسمبر 1980. لكن ماذا يمكن أن يدفع إنسانًا إلى قتل من أحبّه يومًا؟ولِمَ نُعلّق نحن، كبشر، هذا الكمّ من المشاعر على أشخاص لا يعرفون حتى بوجودنا؟ من هنا تبدأ القراءة النفسية التي يقدّمها الاختصاصي, والمعالج النفسي سامر أبي عبد الله، لـ”النهار”، والذي يرى أن التعلّق بشخصية مشهورة لا ينبع من الإعجاب فحسب، بل من عمق الجذور اللاواعية في النفس البشرية. بحسب طرحه، فإن الحكاية تبدأ من الطفولة. هناك، حيث تتشكّل الروابط الأولى بين الطفل ووالديه، تنزرع أولى بذور الحب، والخوف، والنقص، والاحتياج. وعندما يكبر الإنسان، يبدأ، بلا وعي، في البحث عن بدائل رمزية لتلك الروابط. وهنا، يدخل المشهور كـ”موضوع تماهٍ”، رمز يُسقَط عليه كل ما لم يتحقق سابقاً: صورة الأب المثالي، الأم المثالية، القوة، الجاذبية، النجاح… تلك كلها تتحوّل إلى ما يسميه التحليل النفسي “النرجسية بالوكالة”، حيث يعيش الفرد نرجسيته من خلال حياة الآخر. هكذا، يصبح النجم أكثر من نجم. يصبح مرآة لأحلام معجبيه، وشاشة تُعرض عليها رغباتهم المكبوتة. في هذه المعادلة، المشهور لا يُرى كما هو، بل كما يُريد الشخص أن يراه. يتقمّص دوره، يعيش معه، ومن خلاله. يقول أبي عبد الله إن هذا النوع من الإعجاب – حين يتضخّم – قد يتحوّل إلى ما هو أشبه بالحب المرضيّ، أو حتى التبعية العاطفية. ليس لأن النجم يبادل الشخص أي علاقة، بل لأن ذلك التماهي يسمح له بأن يتوهّم “أنا عليا”، أو “أنا مثالية”، تحقق له تعويضًا عن نواقصه الداخلية. لكن المشهد لا يقف عند حدود الشاشة أو الخيال، فوسائل التواصل الاجتماعي جعلت العلاقة أكثر حدّة. يوضح المعالِج بأن هذه المنصات – بقصصها اليومية، وبثّها الحي، وردودها المباشرة – لم تعد تخلق فقط تماهيًا، بل وهم علاقة حميمة. “وكأن النجم يفتح لك نافذة من نافذته”، يقول. وهذا ما يغذّي ما يسميه علم النفس بـ”العلاقات الاجتماعية الزائفة” – علاقة يعيشها شخص مع صورة، مع كيان لا يعرف عنه شيئًا، لكنه يظن أنه قريب منه، أنه يشبهه، أو حتى يحبّه. وسرعان ما يتحوّل هذا التعلّق إلى نوع من الإدمان. كالإدمان على أي شيء آخر، تنشأ أعراض: حاجة ملحّة للمتابعة، قلق عند الانقطاع، مزاج متقلّب بحسب التفاعل أو التجاهل. وفي العمق، كل ذلك مرتبط بما لم يُشبع في الطفولة أو في الواقع. فالمشهور، هنا، ليس هدفًا، بل مهرباً. وليس علاقة، بل إسقاطًا لما لم يُعَش. أما الأكثر عُرضة لهذا النوع من التعلّق، فهم – وفق ما يوضح أبي عبد الله – أولئك الذين يعانون من هشاشة في الهوية أو من فراغ داخلي لا يمكن ملؤه من علاقات الحياة الحقيقية. هؤلاء يجدون في العالم الرقمي، وفي نُجومه، عزاءً خادعاً، أو حلماً مشتهًى… حتى لو كان قاتلاً.

Trip.com WW

Trip.com WW

Leave a Response