#إيمانك #أو #عدمه #في #هوميروس
من وقت إلى آخر، أذكّر القارئ الصديق ببعض العلامات في الثقافة اليونانية ضيف شرف الدورة القادمة من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهي بحر أو محيط من الفنون (الألعاب الأولمبية)، والأساطير، والشعر، والفلسفة، والحروب، والبطولات الرجولية التي أحاط بها في «الإلياذة» هوميروس، الشاعر القديم الذي أصبح اسمه اسم عصر يوناني ثقافي بأكمله، فيقال العصر الهوميري، ولعلّه الشاعر الوحيد في العالم كلّه الذي نال هذه الاعتبارية الفريدة.لكن، دعنا لا نستعجل في الانبهار بهوميروس، وذلك حين نقرأ الجزء السادس من «قصة الحضارة» ل «وُلْ ديورانت»، فهو يقول إن هوميروس إنسان قد لا يكون له وجود، ومع ذلك، يقرأ ديورانت ملامح حياة اليونان «الآخية 1300-1100 ق.م» استناداً إلى كل ما جاء في «الإلياذة» و«الأوديسة»، على الرغم من اقتناعه البحثي بأن لا وجود لشخص اسمه هوميروس.في كل الأحوال، دعنا نصدّق ما جاء في«الإلياذة» و«الأوديسة»، بعيداً عن تشكيك ديورانت، فكيف كان شكل الناس في اليونان (الآخية)؟ «كان رجالهم طوال القامة أقوياء البنية نساؤهم ذوات جمال بارع فتّان يسلب العقول، ولا يعرفون من الأدب إلّا الأغاني الحربية وأناشيد الشعراء الجوّالين غير المكتوبة»، ويقول ديورانت (ترجمة د. زكي نجيب محمود الجزء 6، قصة الحضارة): لقد كانت بلاد اليونان الهومرية جنّة من الحور العين، وحتى رجالها كانوا على جانب كبير من الجمال، كان لهم شعر مرسل طويل، ولحى كبيرة، وكانت أعظم هدية يستطيع الرجل أن يهديها أن يقصّ شعر رأسه ويقرّبه قرباناً أمام كومة الحطب التي تحرق عليها جثة صديقه..ويقول ديورانت معتمداً على قراءة هوميروس إن أهل اليونان القدماء (الآخيين) كانوا يحرثون الأرض ويشمّون وهم فرحون الأرض السوداء بعد تقليبها، ويتتبعون بأعينهم في فخر وخيلاء الخطوط المستقيمة التي خطّتها المحاريث.كان الصيد في اليونان ما قبل الميلاد ضرورة، كما يقول ديورانت قبل أن يصبح رياضة وهواية، وكان الأغنياء يعنون بتربية قطعان كبيرة من الماشية، ويذكر ديورانت بناء على معلومات هوميروس أن رجلاً منهم يسمى «إركثونيوس» كان له ثلاثة آلاف فرس وَلود مع أمهارها.. ويضيف في مكان آخر أن اليونانيين القدماء (الآخيين) كانوا يستعملون عسل النحل بدل السكر، ودهن الحيوان بدل الزبد، والكعك المصنوع من الحَبّ بدل الخبز، ويقول: لم يكن الآكلون يضطجعون في أثناء الطعام كما كان الإثينيون يفعلون في ما بعد، بل، كانوا يجلسون على كراسيّ ممتدة على طول الجدار لا مصفوفة حول مائدة وسطى، وكانوا يأكلون بأياديهم وأصابعهم..فعلاً، تلك قصة حضارة، وقصة ثقافة عاد إليها ديورانت من خلال قراءة ملحمة أسطورية لشاعر أسطوري هو الآخر على الرغم من الشكوك التي تحيط بحقيقة أمره.[email protected]
